مشروع القانون المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي.. ثلاثة أسئلة للباحث الأكاديمي عتيق السعيد

إن ورش إحداث السجل الاجتماعي الموحد الرامي إلى تيسير وضبط عمليات استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي، يعد مشروعا اجتماعيا واستراتيجيا بأبعاد متعددة، وأيضا بطموح واسع الأفق في مجال الحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية، كونه يهم فئات واسعة من المغاربة تعد القاعدة الأساس لحيوية للمجتمع وتماسكه في الأزمات ومختلف الفترات العصيبة، ولكونه ورشا اجتماعيا مستداما بالدرجة الأولى.

مشروع القانون يهدف، كما هو محدد في المادة 1 و2، إلى وضع منظومة وطنية لتسجيل الأسر والأفراد الراغبين في الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي التي تشرف عليها الإدارات العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية، عبر إحداث سجل اجتماعي موحد وسجل وطني للسكان، الغرض منهما تحديد الفئات المستهدفة، من أجل تمكينها من الاستفادة من برامج الدعم، وبالتالي سنكون أمام إطار تقني محدد ودقيق يمكن من الاستفادة من مجموعة الآليات الضبطية، من أبرزها التحقق من صدقية وصحة المعطيات من عدمها، والأدوار الوسائطية للهيئات المعتمدة من طرف الوكالة الوطنية للسجلات المرخص لها بتقديم طلب التحقق من صدقية المعطيات، أو الحصول على بعض المعطيات التكميلية.

يهدف المشروع إلى تنقيط الأسر عبر منح قيمة عددية لكل أسرة مقيدة في السجل الاجتماعي الموحد، تحتسب بناء على المعطيات المرتبطة بظروفها الاجتماعية والاقتصادية، مع إتاحة الإمكانية للأسر لمراجعة التنقيط الممنوح لها من طرف الوكالة حسب ما ورد في المادة 16، وبالتالي سيساهم هذا التحيين للمعطيات في تشخيص وتقييم الوضعية الاجتماعية بشكل مستمر وواقعي دقيق.

سيمكن المشروع من توفير بنك معطيات اجتماعية مهمة تحدد بشكل مفصل ومستمر الأوضاع الاجتماعية التي ستعمل بمثابة إطار موحد ودقيق يفضي إلى فحص عملية الدعم الاجتماعي بناء على معايير مضبوطة، تكون الإطار الصحيح لرصد الفئات المستهدفة من الدعم، وأيضا القدرة بشكل استشرافي على قياس مؤشرات فعالية ونجاعة مشاريع التنمية في المجال الاجتماعي ببلادنا.

 
3. ماهي دوافع وأسباب تفعيله، والحاجة إليه في بلادنا، وكيفية تنزيله السليم على أرض الواقع ؟

إضغط هنا  لتتمة المقال 

المغرب في حاجة إلى تفعيل مبادئ الحكامة الإدارية في برامج الحماية الاجتماعية، من أجل السعي نحو تجاوز الاختلالات المادية ومعالجتها بشكل ناجع وفعال، بغية تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية التي تنعكس على تحسين السلم الاجتماعي كمدخل للإقلاع التنموي المنشود ببلادنا.

إن هذا المشروع الاجتماعي، في أبعاده ودلالته التنموية المستدامة، يجسد الإرادة في الانتقال من التدبير الإداري النمطي أو الكلاسيكي إلى الاستثمار التكنولوجي، الذي يساعد على تحديد آليات/التقنية الكفيلة بتنظيم وضبط عملية استهداف برامج الدعم الاجتماعي، بالإضافة إلى توحيد وتجميع منابع برامج الحماية الاجتماعية في إطار واحد دقيق وشامل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن بلادنا أطلقت خلال السنوات الماضية ما يزيد على 120 برنامجا اجتماعيا بميزانيات ضخمة، بيد أن ضعف التنسيق وكثرة التدابير أدى إلى عدم وصول الدعم إلى مستحقيه. ومع هذا التوحيد لمختلف البرامج، آنذاك، يمكن تفادي تعارضها في المعطيات وسوء تدبيرها للموارد المالية.

إن التحول من النص القانوني إلى التنزيل السليم للمقتضيات التي جاء بها مشروع قانون رقم 72.18 يستلزم اعتماد مقاربة تشاركية والسرعة في التنفيذ، مع تثمين المكاسب والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة.

المغرب مقبل على منعطف جديد على مستوى رقمنة المعطيات الاجتماعية، يهدف إلى إحداث أكبر قاعدة بيانات بيومترية، مشروع سيساهم في الحد من تجزئة البيانات الاجتماعية بشكل يضمن الموثوقية والجودة والدقة في الاستهداف والدعم الاجتماعي المباشر، كما يمكن أن يعتبر مؤشرا واقعيا ودقيقا لقياس دينامية التحولات الاجتماعية والاقتصادية بمختلف مناطق المملكة، بما سيخدم أيضا مشروع النموذج التنموي الجديد، بل أكثر من ذلك، يمكن أن يشكل القاعدة الأساس التي يبنى عليها التطور المستدام للنموذج التنموي، بشكل يضمن تحقيق الواقعية في التقييم والرصد واسع النطاق.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

les véhicules homologués pour le transport touristique

غرامة من 1200 إلى 3000 درهم، وبتوقيف رخصة السياقة لمدة تتراوح ما بين شهر واحد وثلاثة أشهر